رمضان موسم الطاعات [2] |
الوقت رأس مال الإنسان، فيجب عليه أن يستغل وقته في طاعة الله عز وجل -وخاصة الأوقات والمواسم الفاضلة كشهر رمضان- فيجب على المسلم أن يستغل رمضان في طاعة الله، وأن يجعل له برنامجاً في المحافظة على وقته، ويجب عليه أن يتعلم أحكامه ومسائله حتى يكون صومه صحيحاً. |
|
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين. أما بعد: فيا أيها الأحبة! أسال الله عز وجل أن يتقبل منا ومنكم جميعاً صالح الأعمال، وموضوع الخطبة اليوم مقدمة بمثابة برنامج عملي لرمضان؛ لأن أي إنسان عندما يريد أن يعمل مشروعاً وكان من الذين منَّ الله عليهم بالمال، فإنه يعمل دراسة جدوى، ويدرس المشروع، ويضع برنامجاً زمنياً، كما تخطط الدولة وتقول خطة خمسية، وخطة سنوية، وخطط مستقبلية،فالمسلم الذكي الفطن -أسأل الله أن يجعلنا كذلك- هو الذي يستغل هذا الموسم المبارك؛ فيضع لنفسه برنامجاً عملياً. فعلى سبيل المثال: أداء الصلاة في جماعة، فتسأل نفسك عندما تستيقظ في الصباح: هل ستصلي الصلوات في جماعة.. هل عندك صدق في النية؟! إن كنت كذلك فإن الله عز وجل سيسر لك، وفي آخر النهار تحاسب نفسك هل صليت الخمس الصلوات في جماعة؟ ثم تكمل البرنامج بعد ذلك؛ فإذا قلت: للأسف لم أصل الفريضة هذه في المسجد؛ فإن كنت في عذر شرعي منعك من أن تصلي الفريضة في المسجد، كأن نمت مثلاً، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تفريط في النوم) أو كنت مريضاً، أو لم تسمع الأذان ولم تنتبه، أو نسيت، فهذه أعذار، والنسيان عذر؛ لأن الله قد رفع النسيان عن الأمة، يقول عليه الصلاة والسلام: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها حين يذكرها) فانظر هل صليت اليوم خمس صلوات في جماعة أو لا؟ وهكذا مع القرآن، فعليك أن تعمل لنفسك برنامجاً مع القرآن، وحدد الأجزاء التي ستقرؤها، فإذا قال قائل: كيف أقرأ وأنا في الشغل؟ فنقول: الأصل أن وقت العمل للعمل، فإذا كنت في الوظيفة وعندك عمل فإنهائك لأعمال الجمهور بأخلاق من أعظم العبادات، وهو عمل عظيم جداً. وكثير من إخواننا إذا كان موظفاً يقول: لا تضايقني؛ لأني صائم، فنقول: سبحان الله! وهل فرض الله الصيام لتضييق أخلاق الناس أو لتهذيب أخلاق الناس؟! إن ربنا عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] فيبقى الأصل أن الهدف من الصيام هو التقوى، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم). ...... | |
|
|
أيها الأحباب: أود أن أنبه على بعض الأمور: فإن كثيراً من الناس يظن أنها قد تكون محرمة في رمضان، أو قد تفسد عليه الصيام: الأمر الأول: السواك: قد يقول لك قائل: هل يجوز أن أستخدم السواك في نهار رمضان أو لا؟ قال العلماء: يجوز ذلك لكن إلى الظهر فقط -أي: إلى قبل الزوال- ولكن الراجح: أنه يجوز أن تستخدم السواك في نهار رمضان كله، وليس هناك دليل على منع استخدام السواك بعد الزوال، فللصائم أن يستخدم السواك في أي وقت من أوقات شهر رمضان شاء. ...... | |
|
الأمر الثاني: إذا رجعت من سفر في يوم ما وأحسست بالحرارة أو كان الجو حاراً مثلاً، فهل يصح أن تغتسل بنية أن تتبرد من شدة الحر من أجل أن تواصل الصيام؟ فالجواب: نعم، يجوز ولا حرج عليك على الإطلاق. ...... | |
|
الأمر الثالث: استخدام فرشة الأسنان: البعض يقول: هل يجوز أن أستخدم الفرشة؟ الجواب: نعم يجوز، لكن أحذرك أن يتسرب إلى جوفك شيء من المعجون، والأولى أن تستخدم الفرشة بعد الإفطار، أو وأنت تتوضأ لصلاة الفجر، ثم تكف عن ذلك، فإذا قلت: إن رائحة الفم تتغير، فأقول لك: هذه الرائحة أطيب عند الله من ريح المسك، وهي مرادة، وريحة فم الصائم الكريهة المتغيرة ليست من الفم، بل تأتي من الجوف، ولذلك مهما استخدمت لها فإنها بعد فترة ستظهر ولتعلم أن هذه الرائحة عند الله عز وجل أطيب من ريح المسك، كما قال صلى الله عليه وسلم (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك). ...... | |
|
|
|
وأما قطرة العين والأذن والأنف فلا تفطر الصائم ولو وجد طعمها في حلقه، وهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم؛ لأنها ليست طعاماً ولا شراباً، وليست في معنى الطعام والشراب، ولم تدخل للإنسان من المنفذ المعتاد للطعام والشراب. ...... | |
|
مسألة أخرى: شاب نام في نهار رمضان، ولما قام من النوم وجد نفسه محتلماً، فهل يفسد صومه؟ الجواب: لا؛ لأن الاحتلام ليس بيده، وإنما عليه أن يقوم ويغتسل، ويتم الصيام، وصومه صحيح؛ لأن الاحتلام لا يفسد الصوم. ...... | |
|
|
إن من السنة التعجيل بالفطر، وحين الفطر يسمي الله ويقال: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله)، وأنا أذكر بهذا من باب وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات:55]. ومن آداب الصيام: تأخير السحور، وقد يقول شخص: أنا أحب أن أتسحر مبكراً، فلا حرج، لكن التمس البركة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (أخروا السحور؛ فإن في السحور بركة) حتى ولو تشرب شربة ماء قبل صلاة الفجر. إذاً: تعجيل الفطر من السنة، فإذا سمعت المؤذن في المغرب يقول: (الله أكبر) فأفطر، وليس بلازم أن تنتظر حتى يقول: (حي على الصلاة، حي على الفلاح)؛ فإن هذه ليس لها أصل، فإذا أذن المؤذن فسم الله وكل، فمن السنة أن تعجل الفطر، وأن تؤخر السحور. ...... | |
|
هل يتطيب الصائم؟ الجواب: هذه مسألة فيها خلاف بين أهل العلم، والراجح: أنه يجوز للصائم أن يستخدم الطيب في أي وقت من أوقات رمضان، وهناك أقوال مخالفة، لكن ليس عليها أدلة، وعلى هذا فلا مانع أن يستخدم الصائم الطيب في نهار رمضان. ...... | |
|
وأما قول بعض المؤذنين: (ارفع يا صائم! وانو الصيام) فقل له: لست برافع، وليس لك دخل في هذا؛ لأنهم بهذا يحرمون الطعام والشراب قبل الفجر بربع ساعة أو بنصف ساعة، وإنما لك أن تأكل وتشرب إلى الأذان، وأول ما يقول المؤذن: الله أكبر فأمسك. ...... | |
|
وأما النية فهي ركن من أركان الصيام، فإذا قال قائل: هل يجوز أن أعقد النية للشهر كله؟ فالجواب: الراجح من أقوال أهل العلم: أنه يجب عليك أن تنوي كل ليلة في رمضان، فإذا قمت تتسحر فالسحور نية، وليس معنى هذا أنك تقول: نويت صيام يوم غدٍ من شهر رمضان فرضاً علي لربي إيماناً واحتساباً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا، وإنما النية محلها القلب، فإذا قمت وأحضرت علبة زبادي وأكلتها فهذه نية للصيام، فإذا نمت ولم تتسحر فعليك أن تعقد النية من الليل أنك ستقوم للسحور، وهذا يُعد نية، فالأمر ميسر من فضل الله عز وجل، وليس هناك حرج. ...... | |
|
وأما الحامل والمرضع فإذا كان الصوم يشق عليهما فلهما أن تفطرا، ومن أهل العلم من قال: عليها القضاء والإطعام، ومنهم من قال كـابن عباس و ابن عمر : تطعم كل يوم مسكيناً، فهي بمنزلة من لا يطيق....... | |
|