سنن الدارمى ١٠٨ - باب من أتى امرأته فى دبرها - الشيخ محمد نبيه ( شرح سنن الدارمي - الشيخ محمد نبيه )     ||     سنن الدارمى ١٠٧ - باب إتيان النساء فى أدبارهن وما قبله - الشيخ محمد نبيه ( شرح سنن الدارمي - الشيخ محمد نبيه )     ||     سنن الدارمى ١٠٦ - باب الحائض تمشط زوجها - وما بعده - الشيخ محمد نبيه ( شرح سنن الدارمي - الشيخ محمد نبيه )     ||     سنن الدارمى ١٠٥ - باب مباشرة الحائض - الشيخ محمد نبيه ( شرح سنن الدارمي - الشيخ محمد نبيه )     ||     سنن الدارمى ١٠٤ - باب فى عرق الجنب والحائض - الشيخ محمد نبيه ( شرح سنن الدارمي - الشيخ محمد نبيه )     ||     سنن الدارمى ١٠٣ - باب فى الحائض تسمع السجدة فلا تسجد - وما بعده - الشيخ محمد نبيه ( شرح سنن الدارمي - الشيخ محمد نبيه )     ||     سنن الدارمى ١٠٢ - باب فى الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة - الشيخ محمد نبيه ( شرح سنن الدارمي - الشيخ محمد نبيه )     ||     سنن الدارمى ١٠١ - باب وقت النفساء وما قيل فيه - وما بعده - الشيخ محمد نبيه ( شرح سنن الدارمي - الشيخ محمد نبيه )     ||     سنن الدارمى ١٠٠ - باب فى الحبلى إذا رأت الدم - الشيخ محمد نبيه ( شرح سنن الدارمي - الشيخ محمد نبيه )     ||     سنن الدارمى ٩٩ - باب المرأة تطهر عند الصلاة أو تحيض - الشيخ محمد نبيه ( شرح سنن الدارمي - الشيخ محمد نبيه )     ||     

قناة نور الحكمة الإلكترونية - صوت علماء الأزهر الشريف بفاقوس || الحياء 4

عرض المقالة : الحياء 4

 

 

 

Share |

الصفحة الرئيسية >> البحوث والخطب المكتوبة >> الأخلاق والآداب >> الحياء

اسم المقالة: الحياء 4
كاتب المقالة:
تاريخ الاضافة: 07/09/2012
الزوار: 2435

أيها المسلمون: إن للآداب والأخلاق صلة وثيقة بعقيدة الأمة ومبادئها، بل هي التجسيد العملي لقيمها ومثلها. الأخلاق والآداب هي عنوان التمسك بالعقيدة، ودليل الالتزام بالمبادئ والمثل. والحكم على مقدار الفضل وحسن السيرة راجع إلى الخلق العالي. ولا يتم التحلي بالخلق الفاضل والأدب الرفيع إلا بالترويض على نبيل الصفات، وكريم العوائد بالتعليم والتهذيب والاقتداء الحسن.

إن الإسلام قد شمل في أخلاقه أحوال المسلم كلها؛ صغيرها وكبيرها، دقيقها وجليلها، فرداً وأسرة ومجتمعاً، فالاستئذان والسلام، والمصافحة والصدق، والتأدب في المزاح والمداعبة، وحفظ حقوق الإخوان، والأدب مع الأقارب والجيران، وصلة الأرحام، وإطعام الطعام، وتجنب الظلم والاحتقار والعدوان، كل ذلك وغيره باب واسع عظيم، وهو ثابت لا يتغير بتغير الزمان ولا بتحول المكان. غير أن لهذا الباب الواسع مفتاحاً وأن لهذه الأخلاق عنواناً وعليها دليلا.. ذلكم هو خلق الحياء من الله والحياء من الناس.

أيها المسلم: عندما ترى الرجل يتحرج من فعل ما لا ينبغي ويكسو الخجل وجهه إذا بدر ما لا يليق، فاعلم أنه حي الضمير، زكي العنصر نقي المعدن.

أما اذا رأيته صفيقاً، بليد الشعور، معوج السلوك، لا يبالي ما يأخذ أو يترك، فهو بعيد عن الخير ليس لديه حياء يردعه، ولا وازع يمنعه، يقع في الآثام، ويسف في ارتكاب الدنايا.

إن المرء حين يفقد حياءه يتدرج من سيئ إلى أسوأ، ويهبط من رذيلة إلى أرذل، ولا يزال يهوي حتى ينحدر إلى الدركات السفلى.

ورد في الحديث مرفوعاً وموقوفاً: ((إن الله عز وجل إذا أراد بعبده هلاكاً نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتاً ممقتاً، فإذا كان مقيتاً  ممقتاً  نزع منه الأمانة فلم تلقه إلا خائناً  مخوناً، فإذا كان خائناً مخوناً  نزع منه الرحمة فلم تلقه إلا فظاً غليظاً  فإذا كان فظاً غليظاً نزع منه ربقة الإيمان من عنقه، فإذا نزع ربقة الإيمان من عنقه لم تلقه الا شيطاناً لعيناً ملعناً))[1]، أخرجه ابن ماجه وغيره. هذا ترتيب دقيق لأمراض النفوس. خطوات سيئة تقود إلى خطوات أشد منها نكراً.

إن الحياء والإيمان في قرن واحد[2] إذا نزع أحدهما تبعه الآخر. رأى النبي رجلا يعاتب أخاه في الحياء فقال عليه الصلاة والسلام: ((دعه فإن الحياء من الإيمان))[3].

وعمر رضي الله عنه يقول: (من استحيا اختفى، ومن اختفى اتقى، ومن اتقى وقي).

أيها الإخوة في الله: إن من أعظم ما يستحي منه ربكم مولي النعم ومسديها. ولا يتولد هذا الحياء إلا حين يطالع العبد نعم الله عليه، ويتفكر فيها، ويدرك تمامها وشمولها، ثم يراجع نفسه ويحاسبها على التقصير، ويخجل من ربه، ولاسيما إذا رزق العبد توفيقاً فأدرك عظمة الله، وإحاطته، واطلاعه على عباده، وقربه منهم، وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور. يقول الجنيد رحمه الله: (الحياء رؤية النعم ورؤية التقصير، فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء).

ويقول بعض السلف: (خف الله على قدر قدرته عليك واستح منه على قدر قربه منك).

وقد أمر النبي أصحابه أن يستحيوا من الله حق الحياء فقالوا: يا رسول الله إنا نستحي من الله حق الحياء قال : ((ليس ذلك؛ الاستحياء من الله أن تحفظ الراس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، من فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء))[4].

ومن الحياء أن يطهر المسلم لسانه من الفحش ومعيب الألفاظ، فإن من سوء الأدب أن تفلت الألفاظ البذيئة من المرء غير عابئ بمواقعها وآثارها.

ومن الحياء القصد في الحديث في المجالس، فمن أطلق للسانه العنان فإنه لا يسلم من التزيد، ولا ينجو من الادعاء والرياء.

ومن الحياء أن يتوقى الإنسان ويتحاشى أن يؤثر عنه سوء، أو تتلطخ سمعته بما لا يليق، وليبق بعيداً عن موارد الشبه ومواطن الإشاعات السيئة.

ومن أحيا الحياء محافظة المرأة المسلمة على كرامتها وحشمتها، ومراقبة ربها، وحفظ حق بعلها، والبعد عن مسالك الريبة ومواطن الرذيلة، لئلا يغيض ماء الحياء ويذهب بالعفاف والبهاء. استشهد لإحدى النساء ولد في بعض الغزوات مع رسول الله فجاءت تبحث عنه بين القتلى وهي منتقبة فقيل لها: تبحثين عنه وأنت منتقبة متحجبة؟ فأجابت: لأن أرزا ولدي فلن أرزا حيائي!! فاتقين الله يا نساء المؤمنين، والزمن العفاف والحياء فذلك خير وأبقى.

وإن من الحياء أيها المسلمون أن يعرف لأصحاب الحقوق منازلهم ومراتبهم، فيؤتى كل ذي فضل فضله. فالابن يوقر أباه، والتلميذ يحترم المعلم، والصغير يتأدب مع الكبير. ورد في الأثر عن عبد الله بن بسر أنه قال: (إذا كنت في قوم فتصفحت في وجوههم فلم تر فيهم رجلا يهاب الله فاعلم أن الأمر قد رق).

ويقابل الحياء البذاء والجفاء: أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن النبي أنه قال: ((الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار))[5].

ومنزوع الحياء لا تراه إلا على قبح، ولا تسمع منه إلا لغواً وتأثيماً، عين غمازة، ونفس همازة، ولسان بذيء؛ يتركه الناس اتقاء فحشه. مجالسته شر، وصحبته ضر، وفعله عدوان، وحديثه بذاء. و يزيد الأمر ويعظم الخطب حين يكون اللهو والتفحش في الطرب والغناء واتخاذ القينات والمعازف وقصائد المجون.. حيث الخروج عن الفضيلة، وخلع جلباب الحياء، ومن لا حياء له لا إيمان له.

فاتقوا الله أيها المسلمون: والتزموا الحياء والعفاف، فهو الباعث على فعل الطاعات وترك القبائح والمنكرات، هو المانع من التقصير في الشكر، وعرفان الجميل، والتفريط في حق كل ذي حق.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِىّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَـٰظِرِينَ إِنَـٰهُ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى ٱلنَّبِىّ فَيَسْتَحْيِى مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْىِ مِنَ ٱلْحَقّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَـٰعاً فَٱسْـئَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُواْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً [الأحزاب:53].

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه محمد ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.




1أخرجه  ابن ماجه (2/1347-ح4054) وقال في الزوائد : في إسناده سعيد بن سنان، وهو ضعيف، مختلف في اسمه.

[2] الحياء والإيمان في قرن : أي مجموعان في حبل. انظر لسان العرب (13/336).

[3] أخرجه البخاري (1/93-ح24) واللفظ له، ومسلم (1/63-ح36).

[4] أخرجه أحمد (1/387)، والترمذي (4/550-ح2458)، والبيهقي في شعب الإيمان (6/142-ح7730)، والحاكم (4/323) وقال : حديث صحيح ووافقه الذهبي.

[5]  رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح (4/321-ح2009)، وابن ماجه (2/1400-ح4184)، وأحمد (2/501)، والحاكم (1/52) وقال : صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.

الخطبة الثانية

الحمد لله المحمود على كل حال، ونعوذ بالله من حال أهل الضلال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله جبله ربه على جميل الفعال وكريم الخصال، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل.

والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل.

أما بعد:

فاتقوا الله أيها المسلمون، واعلموا أن المسلم عفيف حيي، يفعل الجميل، ويجتنب القبيح. ولا ينبغي أن يكون الحياء حائلا عن طلب العلم أو مانعاً من قول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

بل لقد قرر أهل العلم أن من امتنع عن مواجهة الحق وأخل بالواجبات على زعم منه أن هذا من الحياء، فقد ضل السبيل، فما هذا إلا عجز وخور، وضعف واستكانة، بل خنوع وتقصير ومهانة. فحقيقة الحياء ما بعث على ترك القبيح، ومنع من التقصير في حق كل ذي حق.

لقد كان عليه الصلاة والسلام أشد حياء من العذراء في خدرها[1]، لكن لم يمنعه أن يقول لحبه أسامة: ((أتشفع في حد من حدود الله))[2].

ولم يمنع الحياء أم سليم الأنصارية رضي الله عنها: أن تقول لرسول الله : إن الله لا يستحي من الحق: هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت. ولم يمنع الحياء النبي أن يجبيها بقوله: ((نعم، إذا رأت الماء))[3].

فاتقوا الله أيها المسلمون وتمسكوا بوصايا دينكم، وتأسوا بهدي نبيكم، فقد كان صادق اللهجة، حسن العشرة، ليس بغماز ولا لماز ولا فاحش ولا متفحش، وصلوا عليه وسلموا تسليماً كثيراً.



[1]  أخرجه البخاري (10/529،538-ح6102،6119)، ومسلم (4/1809-ح2320).

[2]  أخرجه البخاري (12/89-ح6788)، ومسلم ( 3/1315-ح1688).

[3]  أخرجه البخاري (1/276-ح130)، ومسلم (1/251-ح313).

طباعة


روابط ذات صلة
أحدث الإضافـات

  توضيح حول حديث (لا تصاحب إلا مؤمنا..)  
  لاتصاحب خمسة  
  من تُصاحب؟  
  الحياء في حياة المسلم  
  خلق الحياء وأهميته في حياة المسلم  
  ضمن جولة في صحيح مسلم : الحياء أنواعه وبعض مباحثه  
  تَذكِيرُ الأَحيَاء بِخُلُقِ الحَيَاءِ  
  أختاه أين الحياء  
  الحياء 5  
  المعاصي والحياء من الله  


 

 

     

التعليقات : 0 تعليق

 

 

 

 

 

     

القائمة الرئيسية

.

فى رحاب رمضان

.

فى رحاب الحج والعمرة

.

الدعوة فى فاقوس

.

واحة الصغار

.

استراحة الموقع

.

خدمات ومعلومات

.

جنة الأذكار

.

أذكار الاحتضار و الموت 

أذكار المطر و الرياح 

أذكار السفر 

أذكار بعد الصلاة 

أذكار المسجد 

أذكار الأذان 

أذكار الهموم و الأحزان - الاذكار عند الهم و الحزن 

أذكار الأكل و الشرب - اذكار الطعام 

أذكار اللباس - الاذكار عند اللبس 

أذكار النوم و الاستيقاظ - الذكر عند النوم - الذكر عند الاستيقاظ 

أذكار المنزل - الذكر عند الدخول للمنزل - ذكر الخروج من البيت 

أذكار الصباح والمساء 

عدد الزوار

.

انت الزائر : 183549

تفاصيل المتواجدين

فى رحاب شهر الله المحرم والعام الهجرى الجديد

.

البحث

.

البحث فى

جديد المقالات

.

كلمات مؤثره  

تصحيح نظرية" الأنسان أصله قرد"... 

أحمد بن حنبل  

فرص ذهبية 

في دقيقة واحدة - ماذا تستطيع ان تعمل في دقيقة 

محفزات الى عمل الخيرات 

الأستغفار و التوبة - الاستغفار و التوبه 

اداب الدعاء و فضله و أوقاته 

فضل السنن الراتبة 

www.youtube.com/user/norelhekma

جميع الحقوق محفوظة لـقناة نور الحكمة الإلكترونية - صوت علماء الأزهر الشريف بفاقوس ولجميع المسلمين